خلال الشهرين الماضيين، عمل فريق كرييتف روتس على إعادة إحياء لعبة أور الملكية عبر استكشاف جانبها المرح. شاركت مدن بغداد، بابل، والناصرية في هذا الرحلة لاكتشاف الماضي الذي وضع بلاد الرافدين في قلب التجارة العالمية، التصميم، وشبكات التفاعل
الثقافي.
“وصلة اللعب” هو الفصل الأول من برنامج كرييتف روتس، وهو جزء من برنامج منحة تاري للتراث بتمويل من جي إم كابلان، بالتعاون مع كرييتف عراق.
نحن متحمسون للغاية لتحويل الماضي إلى تجربة ممتعة وحيوية، حيث نستبدل الكتب بالهواتف ومكعبات النرد لنؤكد أن التاريخ ليس مجرد كلمات مسطرة، بل تجربة حية نتفاعل معها. خلال ورش العمل، صمم فريقنا نشاطات تفاعلية تطرح الماضي على شكل اختبارات تدعو المشاركين لاستخدام معرفتهم السابقة قبل الكشف عن الإجابات الصحيحة، مما يعزز فكرة أن التفكير والتأمل لا يقلان أهمية عن التعلم.
التفاعل كان جوهر هذه الورش، حيث أفاد 95 ٪ من المشاركين بأن هذه الطريقة ساعدتهم على تعميق فهمهم وزيادة معرفتهم. الرغبة في التعلم كانت المحرك الأساسي لمعظم المشاركين، خاصة من بابل والناصرية، بينما كان اللعب دافعاً إضافياً يعزز هذه التجربة. الأثر كان أعمق من مجرد التعلم؛ فقد عبّر المشاركون عن مشاعر قوية تجاه رغبتهم في الارتباط بالماضي الذي يحيط بهم، مشيرين إلى أهمية ورش العمل التي تحيي هذا الترابط.
هذه التجارب فتحت المجال لحوارات غنية حول المعاني الفردية لما يعنيه أن تكون جزءاً من إرث بلاد الرافدين، وكيف أن الحضارة
السومرية كانت في قلب شبكة عالمية أثرت في نمط حياة الناس وطرق تفاعلهم مع العالم من حولهم.
أحد المواضيع البارزة التي ظهرت خلال ورش العمل كان مفهوم التجربة، حيث فضّل المشاركون خوض التاريخ كواقع يمكنهم التفاعل معه بدلاً من الاكتفاء بقراءته. توفير تجارب تفاعلية تتيح للناس فرصة “عيش” التاريخ يمثل خطوة هامة نحو تعزيز المشاركة المجتمعية مع الماضي.
برنامج كرييتف روتس سيواصل تقديم هذه التجارب بشكل مستمر خلال الأشهر القادمة، ونحن في كرييتف عراق نرحب بجميع الأفكار والمقترحات التي تساعد على خلق هذه التجربة الفريدة — تجربة التفاعل مع التاريخ.
كان من الرائع رؤية هذه الشريحة المتنوعة من الناس تشارك في الفعاليات، إلى جانب أولئك الذين سجلوا مسبقًا. شاهدنا طلابًا، آباء، رواد أعمال، نشطاء ثقافيين، مؤرخين، وحتى سفراء ينضمون إلينا في هذه الرحلة.
تمامًا مثل اللعبة الأصلية التي تناسب الجميع، استطاعت هذه الفعاليات أن تقدم رؤية إلى ماضٍ عريق ما زال يتردد صداه في حاضرنا اليوم.
من خلال إشراك مبدعين محليين، نستطيع تسليط الضوء على القادة الذين يستخدمون تراثهم كمنطلق لصناعة منتجات مبتكرة. خلال الجلسات الثلاث، شهدنا أمثلة مبهرة: فواز الصفار الذي نجح في ابتكار منتج يتم تصديره حاليًا إلى الأسواق العالمية، محمد الذي صنع نسخة رقمية من اللعبة متاحة للجميع عبر الهواتف، وعلاء الذي أبدع في تصميم قطع مزخرفة تضيف جما لًا مذه لًا للعبة الأصلية. عملهم الرائع وتصميمهم يمثلان مثا لًا حيًا على القيمة التي يضعها العراقيون المبدعون في تراثهم، بينما نجاحهم في تسييل هذه الأعمال يثبت وجود مستقبل تجاري مستدام للتراث في العراق.
ما كان ملهمًا حقًا هو رؤية المشاركين يشترون هذه المنتجات، مما يعكس كيف يمكن لهذه الابتكارات أن تتماشى مع احتياجات
المجتمعات في عصرنا الحديث. نتخيل عالمًا تصبح فيه هذه اللعبة جزءًا من المنازل، حيث يمكن لمزيد من الناس الاستمتاع بها وإعادة إحياء التراث بطرق تفاعلية ومبتكرة. من خلال تعاوننا مع عدد كبير من الشركاء الرائعين، تمكنّا من استكشاف الدور المهم الذي يلعبه التراث في برنامجنا. نحن ممتنون لمؤسسة المحطة لريادة الأعمال، مركز التعليم المستمر في جامعة المستقبل، ومتحف الناصرية الحضاري على استضافتهم لمجتمعاتنا. العمل مع هذه الشريحة المتنوعة من الشركاء أتاح لنا الوصول إلى مشاركين جدد ومختلفين، كلٌّ منهم بخلفية وتجارب فريدة. هذا التنوع أسهم في خلق محادثات غنية وتفاعلية حول تراث بلاد الرافدين، وكيف يرتبط هذا التراث بجوانب متعددة من المجتمع.
هذا النهج التعاوني لا يكتفي بتعزيز التفاعل مع التراث، بل يوحي أيضًا بمناهج مبتكرة تُسهم في تقديم فرص وحلول جديدة لمعالجة قضايا التراث وتطويره.
ما التالي؟ قريبًا سنخوض في عالم الفن العباسي، لاستكشاف كيف ترك إرث الحضارة العباسية أثرًا واضحًا وعميقًا على أساليب الفن الإسلامي، العربي، والعالمي. ترقبوا منشوراتنا القادمة!
Comments